25/02/2020
تبذل عُمان جهودًا مركزة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، وذلك من خلال تشجيع الاستثمار في المدن الاقتصادية والمناطق الحرة، فضلا عن وجهات التطور العمراني والمجمعات السياحية المتكاملة.
في أعقاب وفاة السلطان قابوس بن سعيد في 10 يناير، يتوقع أن يتبع السلطان هيثم بن طارق آل سعيد نفس النهج الذي اتبعه ابن عمه السلطان قابوس، أطول حكم سلطاني في الشرق الأوسط والذي نجح في تحويل السلطنة من دولة معزولة إلى قوة دولية تحرز تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملموسًا.
وبالرغم من بعض الشكوك، واصل السلطان الجديد مهامه على الفور وبسلاسة واضحة. وفي ظل استعداد السلطنة لعصر جديد، فإن عُمان لديها الكثير الذي يمكن أن تحققه لكي تحافظ على مسيرة نموها المستمرة. ويواجه السلطان الجديد الذي رأس لجنة رؤية عمان 2040 عددًا من التحديات الاقتصادية.
«يواجه القائد الجديد ثلاثة تحديات اقتصادية تتمثل في التحكم في زيادة الدين العام، الحفاظ على سعر العملة، وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط،» كما يقول زياد داود، رئيس شؤون الشرق الأوسط في بلومبرغ. «القضيتان الأولى والثانية يتطلبان إتخاذ إجراءات سريعة، وبصفته رئيسًا للجنة عمان 2030، فسوف يدرك الصعوبات التي تواجه جهود تحقيق التنوع.»
على ضوء ذلك، من المتوقع أن يبقى قطاع البناء تحت الضغط بسبب ضعف الإنفاق الحكومي على المدى القصير، حيث تؤثر أسعار النفط بشكل كبير على الإيرادات الحكومية، ومن ثم التأثير على المصروفات الرأسمالية العامة في مشاريع البنية التحتية، كما ذكر تقرير فيتش سولوشنز عن البنية التحتية للربع الأخير من عام 2019.
وتواصل السلطنة الاعتماد على الإنفاق الحكومي لتحقيق النمو في قطاع البنية التحتية، بالرغم من اتخاذ خطوات واسعة في جذب الاستثمارات على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ومن بين القطاعات التي استفادت من ذلك القطاع الصناعي، والطبي، والمرافق، والقطاع السياحي.
وحسب ما يقول تقرير فيتش سولوشنز، فإن استراتيجية الحكومة لتحقيق التنوع بعيدًا عن النفط توفر قوة دافعة لتطور قطاعي البنية التحتية والسياحة، وهو ما يساهم بدوره في توفير فرص للمطورين وضخ أعمال جديدة في البلاد.
وقد توقعت ميزانية الدولة 2020 ارتفاع متواضع في الإنفاق بنسبة 2 بالمائة مقارنة بعام 2019. وحسب ما تقول صحيفة عمان أوبزرفر، أبدى خبراء السوق تفاؤلا تجاه الميزانية. وقد نقلت الصحيفة عن لؤي البطاينة، الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال قوله بأن «الميزانية التوسعية» تعد مؤشرًا إيجابيًا لقطاع الاستثمارات. «لاشك أن الإعلان عن أمور مثل ارتفاع المصروفات مقارنة بالعام الماضي عند 13.2 مليار ريال عماني مع إنفاق إضافي بقيمة 2.7 مليار دولار خارج الميزانية يتم جمعها من خلال مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقروض وغيرها من الإجراءات الداخلية المتعلقة بالمشاريع في مجالات البتروكيماويات والمرافق والسياحة والضيافة والزراعة والأغذية، تعد بمثابة أخبار سارة تؤكد مساعي الحكومة نحو تعزيز الاستثمار في قطاعات متنوعة من الاقتصاد،» كما ذكر الخبير المعروف في قطاع البنوك.
«وفي ظل اللوائح التنظيمية الجديدة التي صدرت وعدلت العام الماضي، منها القانون التجاري الجديد، وقانون الاستثمار، وقانون الخصخصة، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن مثل هذه الإجراءات سوف تساهم في جذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة،» كما أشار.
وتقود المؤسسات الحكومية الرئيسية مثل مجموعة أوربك - الشركة العمانية العملاقة المتخصصة في الطاقة والبتروكيماويات- والشركة العمانية للتنمية السياحية (عمران)- الذراع التنفيذي للتنمية السياحية في السلطنة- معظم هذه المشاريع في قطاعات الطاقة والصناعة والبتروكيماويات والسياحة على التوالي.
المرافق الخدمية
تنعم سلطنة عمان بوفرة في الطاقة الشمسية ومصادر الرياح. وتملك السلطنة خططًا طموحة لقطاع الطاقة المتجددة.
وقد انتجت محطة ظفار لطاقة الرياح التي يبلغ جهدها 50 ميجاواط أول كيلوواط من الكهرباء في أغسطس الماضي، محققة إنجازًا هامًا لأول محطة لإنتاج الرياح على مستوى واسع في منطقة الخليج. وقد تم توصيل المحطة التي تضم 13 توربينًا للرياح بشبكة الكهرباء العمانية في نهاية العام الماضي.
ومن بين المشاريع الأخرى الجارية مشروع محطة عبري II المستقلة للطاقة الشمسية بجهد 500 ميجاواط المقرر استكمالها العام القادم، ومحطة منح للطاقة الشمسية 1 ومنح 2 والتي سوف توفر 1000 ميجاواط بحلول عام 2023. كما توجد خطط لبناء مشروع للطاقة الشمسية المركزية بجهد 600 ميجاواط مع مخزن حراري في الدقم.
كما أنشئت مجموعة النفط العمانية وأوربك صندوقًا مخصصًا للاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
وفي قطاع مياه الصرف الصحي، وفي إطار مجموعة من الاستراتيجيات التي طرحتها الحكومة في السنوات الأخيرة، تعهدت عُمان باستثمار نحو 7 مليار دولار لتطوير نظام البنية التحتية لمعالجة مياه الصرف وإعادة تدويرها وإعادة استخدامها على مدى العقدين القادمين.
المدن الاقتصادية
أقيمت العديد من المشاريع الضخمة في مدينة خزائن الاقتصادية بعد أن كشف المطور الرئيسي للمدينة الاقتصادية المتكاملة في بركاء المخطط الرئيسي التفصيلي للمرحلة الأولى من المشروع في شهر يوليو من العام الماضي.
تتميز خزائن بموقعها الاستراتيجي بين مسقط وصحار وسوف تغطي مساحة 52 كلم مربع في مرحلتها الأولى. وستكون بمثابة المركز اللوجستي الشمالي لعُمان، حيث تربط عددًا من المشاريع الرئيسية عبر السلطة من خلال ميناء جاف.
وتعد مدينة خزائن أكبر مشروع للشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلاد، وقد استقطبت مستثمرين بسبب توفر مسارات بحرية في المياه العميقة، وإمكانيات الدخول للسوق من خلال اتفاقيات التجارة الحرة مع دول الخليج وسنغافورة وأمريكا، فضلا عن قرب المدينة من أسواق الشرق الأوسط والهند وأفريقيا.
وفي شهر نوفمبر وقعت المدينة اتفاقية استثمار مع كبرى الشركات اللوجستية لتشغيل وإدارة أول ميناء بري متكامل في المدينة الاقتصادية. وفي شهر أغسطس أرست المدينة عقد على شركة جلفار للهندسة والمقاولات لتطوير البنية التحتية الأساسية.
قطاع العقارات
استكمل مركز عمان للمعارض والمؤتمرات والذي يعد القوة الدافعة وراء تعزيز قطاع الحوافز والمؤتمرات والمعارض تنفيذ مكون رئيسي وهو مسرح مدينة العرفان في شهر نوفمبر الماضي، فضلا عن افتتاح أول فندق جي دبليو ماريوت في السلطنة.
وتعد مدينة العرفان التي تطورها شركة عمران أكبر مشروع حضري يهدف إلى خلق منطقة جديدة في وسط العاصمة العمانية مسقط. وفي يونيو 2018، وقعت عمران شراكة استراتيجية مع ماجد الفطيم- الشركة الرائدة في مجمعات التسوق والمجتمعات والتجزئة والترفيه في منطقة الشرق الأوسط- لتطوير المنطقة الغربية من مدينة العرفان.
كما وقعت عمران اتفاقية مشتركة أخرى مع ماجد الفطيم لمشروع الموج مسقط الذي يعد مجمعًا سياحيًا متكاملا يمتد على مساحة 6 كم من السواحل العمانية.
هذا إلى جانب طرح المزيد من خيارات المطاعم والترفيه في فندق كمبينسكي مسقط، ومسك الموج، إضافة إلى منتجع سانت ريجيس الموج مسقط، والشقق التي تحمل علامة تجارية مميزة بالتعاون مع ماريوت إنترناشيونال.
وكان مشروع الموج مسقط قد طرح في شهر أكتوبر المرحلة الثانية من فلل غدير على ضوء الطلب الهائل للمرحلة الأولى من المشروع التي طرحت في شهر أبريل.
وتعاونت عمران أيضًا مع شركة داماك الواقع مقرها في دولة الإمارات لتطوير مشروع ميناء السلطان قابوس بتكلفة 2 مليار دولار وهي وجهة عصرية ذات واجهة بحرية.
كما تعاونت عمران مع شركة سرايا القابضة في عمان لتطوير مشروع خليج مسقط، وهو مجمع سياحي يقع على مساحة 2.2 مليون متر مربع ويطل على خليج عُمان. وسوف يشتمل عند استكماله على 435 وحدة سكنية وفندقين فئة أربع نجوم.
ويقام أيضًا مشروع مجتمعي آخر في العاصمة هو هابيتات، مشروع متعدد الاستخدام يقع على مساحة 75 ألف متر مربع وتطوره شركة تصميم، المشروع المشترك بين مجموعة الشنفري القابضة وشركة ماندريس الأوروبية المعمارية.
ومن بين مشاريع التجزئة والترفيه التي يتم تطويرها في السلطنة، يتقدم العمل في مول عمان الذي يعتبر أكبر مشروع من نوعه في عُمان وتقوم بتطويره شركة ماجد الفطيم ومن المقرر افتتاحه في مارس 2021. يقع المجمع على 145 ألف متر مربع من مساحة التجزئة ويشتمل على مجموعة متنوعة من المطاعم، إضافة إلى أكبر سينما في عمان، ومركز ماجيك بلانيت، وهايبرماركت كارفور.
قطاع الصناعة
تعد الدقم وصحار وصلالة من أكبر مواطن الجذب للتنمية الصناعية في عمان بسبب موانيهم، والمناطق الحرة من حولهم التي شهدت استثمارات ضخمة خلال السنوات القليلة الماضية.
ومن بين المشاريع الصناعية الطموحة الجاري تنفيـــذها هو مشروع مصفاة الدقم بتكلفة 6 مليارات دولار والتي تم استكمال أكثر من 45 بالمائة من العمل فيها. سوف توفر المصفاة مجموعة من المنتجات التي تشمل الكيروسين والنفثا وغاز البترول المسال والكبريت والديزل والفحم.
كما يجرى بناء مجمع للبتروكيماويات ليمثل المرحلة الثانية من مجمع المصفاة والبتروكيماويات المخطط تنفيذه من قبل مصفاة الدقم في إطار شراكة استراتيجية بين شركة النفط العمانية، وشركة بترول الكويت العالمية.
وتشهد الدقم مشاريع أخرى تشمل أول مصنع عماني لتصنيع الأنابيب غير المعدنية المصنوعة من مادة لدائن البولي إيثلين والذي تطوره شركة الدقم هونجتونج للأنابيب، فضلا عن وحدة الجلخ لشركة ريسوت للإسمنت أكبر مصنع للاسمنت في عمان. وقد تم تخصيص 10.7 مليار دولار لتطوير مدينة سينو-عمان الصناعية.
ويجري أيضًا التخطيط لبناء مصفاة أخرى في صلالة باستثمار 2.5 مليار دولار. وقد وقعت المنطقة الحرة في صلالة الواقع مقرها في عمان اتفاقية لبناء مصفاة بطاقة 150 ألف برميل يوميًا في يوليو العام الماضي.
كما يجري بناء أول مصنع لتصنيع البوليمر في الصناعة بشراكة بين مجموعة زيل إيور الصينية كيمكالز، وشركة تنمية نفط عمان.
من ناحية أخرى أتفق ميناء صحار والمنطقة الحرة على بناء أربعة مشاريع جديدة للهيدوكربونات والبتروكيماويات بقيمة 2.5 مليار دولار على أرض جديدة سيتم استصلاحها من البحر في إطار مشروع توسعة صحار الجنوب.
مشاريع أخرى
أعلنت وزارة الصحة العمانية عن خططها لبناء أول مدينة طبية في السلطنة على مساحة 5 مليون متر مربع في البركاء، وذلك بتكلفة 479 مليون ريال عماني على أربع مراحل.
كما قارب مستشفى عمان الدولي على الانتهاء والذي يتولى تطويره ثلاثة شركاء هم مجموعة سهيل بهوان القابضة، وشركة عمان بروناي للاستثمار، وأيدل ميد جلوبال للخدمات الصحية والتي سوف تجلب بعضًا من أكثر التكنولوجيا الطبية تطورًا وابتكارًا إلى عُمان.