19/12/2017
ستيوارت جوردان* يبحث التحالفات باعتبارها منهجًا للعمل التعاوني في أي مشروع، حيث يضطلع جميع أعضاء فريق العمل بمسؤولية مشتركة عن مخاطر التأخير والعيوب في العقود.
قد يرى كثير من المراقبين بأن منطقة الشرق الأوسط تتبع طريقة لا تقبل المساومة فيما يتعلق بوضع مخاطر المشاريع في عقود البناء. بل الأكثر من ذلك قد يتشابه النهج المتبع تجاه مخاطر العقود في منطقة الخليج مع السائد في المناطق الأخرى. وبمعنى آخر، يرى البعض أن المنهج الذي تتبعه منطقة الشرق الأوسط أسوأ من كونه مجرد منهج صعب، بل أنه قديم أيضًا.
يجب علينا اختبار هذا الاعتقاد. فقد شهدت منطقة الخليج خطوات متسارعة في تبني الحلول المبتكرة في صناعتنا بدءًا من الحلول الهندسية والإنشائية المبهرة، والبناء الجاهز، وصولا إلى دمج نمذجة معلومات البناء في عملية التصميم.
ولكن من ناحية أخرى، يقال أن المنطقة لم تحقق الريادة فيما يتعلق بالعمل التعاوني. وهذا يعتمد على فكرة أن مشاريع البناء يمكن أن تحقق نتائج أفضل إذا كان المشاركون على استعداد لمشاركة بعض المخاطر بدلا من إلقاء مسؤوليتها على أي طرف يكون مستعدًا لتحملها. وعادة ما يكون هذا الطرف هو الأقل قدرة على إدارة هذه المخاطر، والأقل قدرة على الوفاء بمسؤولياتها القانونية عندما يتعرض للفشل. بعض الأطراف قد تتحمل المخاطر إما لأنها مستميتة في الحصول على عمل، أو لأنها ذكية بما يكفي للتعامل معها أو كلاهما. كلنا نتفق أن هذا الأمر لا ينتهي بشكل جيد.
هذه هي المشكلة، ولكن هل العمل التعاوني هو الحل؟ هناك مجموعة كاملة ومتنوعة من الترتيبات اللازمة في هذا الصدد. وأفضل كلمة مناسبة هي «الشراكة»، ولكن هذه الشراكة ليست أكثر من مجرد بعض الخطوات العملية التي تهدف إلى تحسين عملية التعاون مثل الإنذار المبكر، واللجان المشتركة لمواجهة المشكلات، والتواجد المشترك لفرق العمل في المشاريع.
وتشتمل نماذج الشراكة الأكثر شمولية على مشاركة حقيقية للمخاطر. على سبيل المثال، يتفق الأطراف على مشاركة تكلفة التأخير والتعطيل أو العيوب بغض النظر عن الطرف المخطئ. وتعتمد هذه الفكرة على تشجيع العمل الجماعي والثقة بدلا من الحقوق والالتزامات التعاقدية الصارمة والجامدة. وبالطبع، يشكك المحامون في جدوى هذه الترتيبات. ومن الإنصاف أن نقول أنه كان من الصعب إقناع المطورين والمقاولين أنفسهم، حتى ممولي المشاريع والأطراف الثالثة الأخرى، حتى في أكثر الأسواق تقدمًا.
ويعد التحالف هو النهاية القصوى للعمل التعاوني، فهو ينطوي على تطبيق أخلاقيات الشراكة على جميع المساهمين في المشروع، وربما العديد من المقاولين والمصممين ومدراء نمذجة معلومات البناء ومدراء المشاريع. فكل هؤلاء يتشاركون في مخاطر المشروع بين أنفسهم وليس مجرد بشكل ثنائي بين طرف وطرف آخر أو صاحب العمل. ويتحقق ذلك من خلال المحفزات المشتركة (الإيجابية والسلبية) والتي تعتمد على مخرجات المشروع بأكمله وليس مجرد أداء المشارك الفردي.
وهناك العديد من الطرق التي تساهم في تنظيم نموذج التحالف، ومن أبرزها:
? مشاركة التجاوزات في التكلفة، بحيث يحصل جميع المشاركين على مستحقات أقل وليست مستحقاتهم بالكامل عندما تتجاوز تكلفة المشروع التكلفة المستهدفة المتفق عليها. ويمكن للمشاركين أيضًا مشاركة التوفير في التكلفة بنفس الطريقة في حالة إذا كانت التكلفة أقل من تلك المستهدفة.
? مكافأة مشتركة (أو أضرار التأخير) لاستكمال المشروع مبكرًا أو متأخرًا.
? الحوافز المشتركة للتطبيق الجماعي لمؤشرات الأداء الرئيسية مثل أهداف الصحة أو السلامة أو البيئة.
يعتمد المشاركون في التحالف على أداء الطرف الآخر لتحقيق عائداته هو نفسه. وبخلاف حالة عدم اليقين الإضافية، فإن هذه الأطراف عادة لا تختار بعضها البعض، ولا تملك أي رقابة إدارية على بعضها البعض، ولا موارد ضد بعضها البعض في حالة الفشل. ويتم استبدال عمليات التفتيش والميزانيات التقليدية الموجودة في العقود بثقافة التواصل والتعاون والتحسين.
وفي الواقع العملي، قد تتجه الأطراف إلى خيار آخر أقل من نموذج التحالف «الكلي الشامل». فعلى سبيل المثال قد تتفق الأطراف على فرض مبالغ بسيطة على مخرجات المشروع، وأن يتحمل الأطراف بعيدًا عن هذه المشاركة المحدودة- مسؤولية أدائهم الخاص.
وتبرز بعض المشكلات الصعبة المتعلقة بالتحالف الشامل، ماذا نفعل عندما تحدث بعض الاختلافات ضمن شبكة التحالف؟ ماذا نفعل مع الأطراف التي يتسم أدائها بالضعف؟ حتى أقصى الترتيبات المثالية يجب أن تكون قادرة على التعامل مع هذه الصعوبات. وسوف نعود لبحث هذه الصعوبات والأسئلة المرتبطة بها عند إصدار عقد التحالف من إن إي سي، والمقرر إصداره في عام 2018.
والسؤال هنا، هل تخلفت المنطقة هنا عن هذا العمل التعاوني؟ ليس بالضرورة. فهناك الكثير من الإجراءات التعاونية قد تم دمجها في شروط العقود في منطقة الخليج، فضلا عن تعزيز عمليات التواصل والتعاون. ولكن لاشك أن مشاركة المخاطر ضمن التحالف بشكله المتطرف يعد أمرًا آخر. هذا ربما قد يسري عندما يكون أطراف التحالف يعرفون بعضهم البعض، وقد تجمعوا لمواجهة تحديات مشروع فريد من نوعه على سبيل المثال. وبمعنى آخر، قد أبحث هذا النموذج لأسباب عملية وليس لأسباب مثالية.
*ستيوارت جوردان شريك في مجموعة جلوبال بروجكتس أوف بيكر بوتس، وهي شركة محاماة دولية رائدة. وتركز ممارسات جوردان على قطاعات النفط والغاز والطاقة والنقل والبتروكيماويات والطاقة النووية والبناء. ولديه خبرة واسعة في منطقة الشرق الأوسط وروسيا والمملكة المتحدة.